السبت، 20 يونيو 2015

*** كليّة الآداب منوبة مرّة أخرى


...أمّا الطقس في منوبة فسرّ في حدّ ذاته. ممكناته جميعا قد تتجسّد في حالة: تبرق السماء وترعد فتنتظر أن تمطر ولكن تبزغ الشمس ساطعة ومشعّة. أو يبدو اليوم صافيا فتتعكّر حالته في لحظة، تغيم الأرجاء المحيطة وتعتم وينهال وابل من مطر أو ينقضّ عاصف من ريح...
لا فصول واضحة الملامح في منوبة. الطقس مزاجيّ يشبه رجلا مشدود الأعصاب، غامض الطباع والعواطف والنوايا، لا مجال للانسجام معه إلاّ أن تشبهه..
وما حدث لكثيرين عرفتهم أن جاؤوا إلى المكان وديعين، عقلاء ومهادنين، ولكن غادروه فوضويين، مشاكسين، أشباه مجانين أو مجانين. فأيّ أرواح شريرة أو خيّرة تحرس المكان؟ أي قوى غامضة تطوّق القلعة الجاثمة في قلب السهل، الشامخة بين امتدادات المروج وخضرة الحقول؟
تقع كليّة الآداب بين منطقة "وادي الليل" شمالا و"مشفى الرازي" للأمراض العقلية جنوبا، وإذا تقصّيت الدّقة فالحقيقة أنّه لا يفصلها عن المشفى سوى ضيعة صغيرة وسيّاج واطئ، فأيّ قوى أخرى تمكّنت من التوحيد بين بعدي الثنائية المتناقضة، المعروفة والسائرة: العلم من جهة والجنون من الجهة المقابلة؟
*
عبد القادر عليمي (من الرواية)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق